دولة المرابطون في المغرب
ظهرت ما بين الأعوام 1056 – 1147م واستمرت 91 عام .. انبثقت من حركة دعوية ظهرت بين
قبائل صنهاجة المغربية. وعرفت ب «دولة الرباط والإصلاح». كان أول تحرّك عسكري
للملثمين صوب القبائل المجاورة، وبعدها توسعت حتى الخط التجاري الواصل بين الصحراء
والأندلس، من ثم تم اخضاع جميع أراضي المغرب لسيطرتهم.
يذكر ان اول داعية كان عبد
الله بن ياسين الذي قدم من جامع القيروان في تونس. وهو الذي كان له الأثر في تأسيس
دولة المرتبطين.
في عهد يوسف بن تاشفين تم تأسيس
مدينة مراكش واتخذها عاصمة له. وقام بدخول الاندلس بعد معركة الزلاقة، ووحد دول
الطوائف في الاندلس واستعاد ما تم الاستيلاء عليه من قبل الصليبيين وأنقذ الاندلس
من هجماتهم.
امتدت رقعت دولة المرابطين
لتشمل من المحيط غربا الى نهر السنغال ومالي وغانا جنوبا. والأندلس شمالا ، وشرقا
الى تشاد والسودان.
في البدء قام يحيى بن
إبراهيم وهو زعيم قبيلة الصناهجة المغربية، بأداء فريضة الحج . وهو عائد التقى في
القيروان بالإمام أبي عمران الفاسي. شرح يحيى لأبي عمران جهل قومه بأصول الدين،
وطلب منه أن يبعث معه أحد طلبته ليعلم قَومه، وللقضاء على الفوضى الدينية التي
كانت تعيشها بلاد المغرب.
وقع اختيار ابي عمران على
عبد الله بن ياسين الذي اصطحبه الأمير يحيى إلى الصحراء. وأثناء عبورهما لها، حرص
يحيى على أن يظهر ابن ياسين في أعين الملثمين كأنه شخص مقدس، فكان كلما اقتربا من
حي من أحياء صنهاجة ينزل عن دابته، ويقود بالفقيه دابته إعلاء لشأنه وتكريمًا له، ويصفه
لهم بأنه حامل سنة رسول الله، قد جاء يعلم أهل الصحراء ما يلزمهم في دين الإسلام.
أقام الشيخ عبد الله ياسين
هناك رباطاً، بلغ عدد دارسيه سبعين رجلاً يتعلمون ويتفقهون في الدين بواسطته، ثم
زاد عددهم حتى أمرهم ببناء مدينة. الا انه فبما بعد نشأ خلاف بينه وبين بعض من
افراد القبيلة، فثاروا ضده وهدموا داره وأخذوا منه بيت مالهم، فخرج متسترًا، وأراد
العودة إلى تونس. لكن اعترض عليه من بقي معه وطالبوه بالانزواء مع من يرغب في
صحبته والتعلم عليه في جزيرة منعزلة، فاقتنع بذلك، وكانوا سبعة من
"جدالة" وإثنين فقط من "متونة"، هما يحيى بن عمر وأخوه أبي
بكر. وظلت جماعات التائبين تتوارد عليه إلى أن اجتمع حوله ألف رجل فحولوا ملجأهم
إلى رباط انطلق منه المجاهدون لإخضاع قبائل الصحراء. أفلح عبد الله بن ياسين في
تحريك القبائل الصحراوية من مدينة لمتون وكدالة وغيرهما.
كان الرباط الذي أقامه ابن
ياسين بنهر السنغال يقع قريبًا من مملكة غانا،
فتحول رباط السنغال إلى منارة في تلك الصحاري، وأصبح يستقطب أبناء قبائل
صنهاجة إليه، كما وفر بعض الأمن والاستقرار في تلك المنطقة، مما شجع القوافل على
المرور بها، فأدَّى ذلك إلى ازدهار التجارة.
أصبح لعبد الله بن ياسين
رجال يعتمد عليهم في تبليغ الدعوة لترغيب النَّاس في الإسلام، وستطاع ان يخضع كل
قبيلة على حدة. وتحت زعامة يحيى بن عمر دخل شيخ القبيلة الآلاف من قبيلة لَمْتُونة
في جماعة المرابطين.
تُوفى الأمير يحيى بن عمر، فَعيَّن عبد الله بن ياسين أخاه أبي
بكر بن عمر مكانه، فتأهَّب أبو بكر لغزو بلاد السوس. وفي معركة الواحات بزغ نجم
يوسف بن تاشفين التي لعب فيها دور قائد مقدمة جيش المرابطين المهاجم، واستطاع ان
يغلب عدد من المدن والجهات المتمردة.
وفي احدى المعارك أصيب
موجِّه الحركة المرابطية ابن ياسين بجراح، على اثرها فارق الحياة. واتفق المرابطون
على اختيار أبي بكر بن عمر مكان ابن ياسين، وبايعوه، فجمع بذلك بين الزعامة
الدينية والسياسية.
وبتمرد بعض القبائل قرر أبوبكر
اللمتوني بان يذهب لإخضاعها، وعين بدلا عنه في مقر اقامته في مراكش ابن عمه يوسف
بن تاشفين.
وقد توغل الأمير أبوبكر في
الصحراء ووصل الى السنغال وتشاد، لنشر الإسلام وتعليم سكانها الشريعة.
بعدها عاد الى مراكش، ووجد
ابنه عمه يوسف في احسن حال. يقوم بأمور الدولة وشؤون افرادها. وفي عام 463 هـ
1070م، استخلف الأمير أبو بكر ابن عمه يوسف بن تاشفين مكانه على المغرب، فأكمل
يوسف بناء مراكش وحصنها. اما هو فقد نذر نفسه لمواصلة الدعوة الإسلامية في البلدان
الافريقية.
فزوده يوسف بالمال والخيل والمؤن، وعندها استأنف أبو بكر الجهاد
والغزو. وطلق أبو بكر زوجته زينب النفزاوية عندما عزم على السفر مبررًا ذلك بكونها
لا طاقة لها على العيش والترحال المستمر مع الجيش تحت حرارة الصحراء، ونصحها
بالزواج بابن عمه، فتزوَّجها يوسف بعد تمام عدَّتِها.