في دوله الكويت التي وصلها
المستشار عبد الرحمن في 15 ديسمبر89 م للعمل كمستشار في السفارة اليمنية, وبعد أن تم ترتيب وضعه الدبلوماسي لدى السلطات الكويتية والتعرف على عدد من أعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي, وعلى أثر بروز عدد من المؤشرات التي تدل على قدوم اليمن على حدث كبير, متمثل في تحقيق الوحدة بين دولتي الشمال والجنوب, عمل المستشار المسيبلي على توطيد علاقاته مع قيادة وأعضاء الجاليتين الشمالية والجنوبية في دولة الكويت, بهدف تهيئة الأجواء بين صفوفها لاستقبال ذلك الحدث الكبير والقيام بتوضيحه و شرح مفاهيمه لأعضاء الجالية.
وبارتفاع علم الوحدة في 22
مايو 1990م اندمجتا سفارتا الدولتان الشمالية والجنوبية لدى دولة الكويت لتصبح
سفارة واحدة .. وعمت الفرحة قلوب الجميع .. وأقيمت الاحتفالات في صفوف الجالية
اليمنية الموحدة.
لم تنعم الجالية اليمنية في
الكويت بأفراحها المغمورة بالتمنيات والأحلام التي ستنعم بها اليمن من جراء
تحقيق وحدته عدى شهرين وبضعة أيام .. ففي فجر الثاني من أغسطس 1990م اجتاحت القوات العسكرية العراقية الأراضي الكويتية، مشكلة بذلك نقطة سوداء في تاريخ العلاقات
العربية ـ العربية .. حينها حلت الفوضى والاضطرابات ودخلت البلاد في حرب دامية .. على أثر تلك الأحداث غادر أفراد
وعوائل المغتربين اليمنيين اضطرارا الأراضي الكويتية تجنباً لأية تصعيد عسكري بما فيه الضربات الجوية الأمريكية المتوقعة .. يذكر إنه قبيل الاجتياح أعدّ المستشار الدبلوماسي عبد الرحمن المسيبلي تقريراً تحليليا للموقف, بين فيه تطورات الأوضاع السياسية والعسكرية المتوترة بين العراق والكويت, تم رفعه لقيادة وزارة الخارجية قبل الاجتياح بأسبوع، توقع فيه احتمال قيام القوات العراقية بتخطي الحدود الكويتية للسيطرة على بعض
المناطق البترولية الحدودية ليس إلاّ, حيث لم يخطر على باله الاجتياح الكامل
للأراضي الكويتية وتحويلها إلى محافظه عراقية باسم (الكاظمية).
بهذا فأن المستشار عبد الرحمن
وعلى مدى إثناء عشر يوماً, عايش ما جراء أثناء الاجتياح العراقي للكويت، حين شاهد
الدمار الذي حل بالمدينة والقصف الذي طال منشآتها الحكومية وإحراق العديد منها
وتشرد سكانها.
وفي العاصمة الكويتية امتلأت
الشوارع بالمدرعات الحربية والمركبات العسكرية وانتشار أفراد الجيش العراقي وما
رافق ذلك من تخبط وفوضى .. كما لمس بعض أنواع المقاومة الكويتية، ومنها إسقاط
طائرة هيلوكوبتر عراقية على الحي المجاور لحي سكنه " الجابرية " واحتراق
طياريها الثلاثة.
وقد حز في نفسه أسفا على ما آلت
إليه أوضاع المغتربين اليمنيين الذين تضرروا وخسروا كل ما يملكون من أموال
وممتلكات ووظائف وأعمال وحقوق .. وقد ظل يستقبل العشرات منهم في مبنى السفارة وهم
يروون له محنتهم ويتبصرون منه ما يمكن القيام به.
وبسبب تأزم الموقف والإعلان
الصريح للولايات المتحدة الأمريكية عن عزمها القيام بضربات جوية لإخراج القوات العراقية
من الكويت .. جات توجيهات وزارة الخارجية اليمنية لطاقم السفارة بمغادرة الكويت
والعودة إلى ارض الوطن .
وبالفعل غادر المستشار عبد الرحمن المسيبلي هو وعائلته الأراضي الكويتية عن طريق البر بعد إثناء عشر يوماً من الاجتياح برفقة موكب مكون من ثلاث عربات .. الأولى خاصة بالدكتور فرج بن غانم رحمه الله وزير التخطيط حينها وعائلته والثانية خاصة بالسفير محمد سعد علي سفير بلادنا لدى كندى وعائلته, اللذان صادف وجودهما في الكويت إثناء اجتياحه. وقد أنطلق الموكب تمام الساعة السابعة مساءً باتجاه بغداد. وبعد أربعة عشر ساعة متواصلة من السير ليلاً بالعربيات في رحله هروب محفوفة بالمخاطر والصعوبات والقلق وطرق تملئها المدرعات الحربية والجنود المنتشرون في كل حدب وصوب من تلك المساحات الصحراوية، وبسلامة الله ورعايته تم الوصول إلى بغداد في تمام الساعة التاسعة من صباح اليوم التالي .. وفي بغداد لم يهدئ للموكب اليمني بال حتى تمت المغادرة مباشرة في اليوم التالي من الوصول، والتوجه عن طريق البر لمدة عشر ساعات أخرى إلى العاصمة الأردنية عمان عن طريق معبر " طريبيل " الحدودي.