أخر الاخبار

تعريفات لحقبات التاريخ العربي والإسلامي.


الجامع العظيم في مدينة قرطبة عاصمة الأندلس

بسم الله الرحمن الرحيم

التاريخ البشري هو سلسلة من وقائع عظيمة خاضتها البشرية في صراعها من أجل البقاء والنهوض. وهكذا امتدت تلك الوقائع بشكل تراكمي لتنتج لنا حضارة اليوم بمختلف مجالاتها الحضارية والسياسية والثقافية والعلمية. بهذه النتيجة توجب علينا نحن أبناء هذا الجيل ان نكون على اطلاع بتلك الوقائع التاريخية ومعرفة خلفياتها والاستفادة من عبراتها ومن ثم اسقاطها على واقعنا المعاصر.

من هذا المنطلق تولدت لدى المستشار عبد الرحمن المسيبلي القناعة بأهمية الاطلاع على التاريخ العربي والإسلامي ومعرفة خلفياته ومدى تأثير متغيراته على واقعنا المعاصر.

واهتماما بالتاريخ اعار المستشار المسيبلي أهمية لمعرفة أغوار التاريخ العربي والإسلامي والاطلاع على وقائعه ومتغيراته ليس فقط عن طريق القراءة النظرية للكتب والأفلام الوثائقية، بل عمد الى النزول الميداني الى مدن ومناطق كل حقبة تاريخية، وزيارة حاضرتها الميدانية والاطلاع على اثارها وشموخ مقتنياتها التي لا زالت شاهدة على عظمتها حتى اليوم.

والنتيجة من المحصلة المعرفية لأغوار الحضارة العربية والإسلامية، هي ان تاريخنا مر في منعطفات مفصلية منها ما هو انتصار ونهوض، ومنها ما هو انهزام وانكسار. مثله مثل أي حضارة أخرى، الا ان ما يفرق تاريخنا العربي والإسلامي عن غيره هو ان حقبة الانتصار والنهوض التي مر بها هي الأطول والأكثر ازدهار وتأثيرا عن غيرها من الحضارات القديمة والمعاصرة.

الاستنتاج الذي أصبح يقينا لدى المستشار المسيبلي هو إنه مهما أصاب الأمة العربية والإسلامية من نكوس وانكسار, إلا إنه لا محالة سيتلو ذلك نهوض وانتصار. واسقاطا على تلك العبرة فإننا كأمة عربية وإسلامية نعيش اليوم في حقبة الانكسار، هذا ما يدعونا للتفاؤل باننا حتما قادمون على حقبة النهوض والانتصار عاجلا ام أجلا. هذه هي خلاصة ما تم استنتاجه من عبر التاريخ القديم والحديث لأمتنا العربية والإسلامية، مع العلم ان الحقبة التاريخية لا تقاس بزمن محدد او بمكان معين.

ويمكننا تقسيم تلك الحقبات التاريخية على النحو التالي:

١) حقبة بناء الدولة الإسلامية. وحاضرتها المدينة المنورة " يثرب"، بقيادة الرسول محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والسلام، ومن بعده الخلفاء الراشدين، والتي استمرت 40 عام، ابتداء من السنة الأولى للهجرة النبوية المتوافقة وعام 622 ميلادية حتى عام 662م.

٢) حقبة الخلافة الأموية، وحاضرتها مدينة دمشق في الشام، بقيادة الخليفة معاوية بن ابي سفيان. والتي استمرت 88 عام، ابتداء من عام 661 حتى 750م، ممتدة من حدود الصين الاسيوية حتى جبال الأندلس الأوربية.

3) حقبة الخلافة العباسية، وحاضرتها مدينة بغداد، بقيادة الخليفة ابوجعفر المنصور. والتي استمرت 508 عام، ابتداء من عام 750 حتى 1258م. ممتدة من أجزاء من الصين حتى الجزء الشرقي من أوربا.

٤) حقبة الدولة الإسلامية في الاندلس. وحاضرتها مدينة قرطبة، بقيادة عبد الرحمن بن معاوية بن هشام. "عبد الرحمن الداخل"، وقبله فاتح الاندلس موسى بن نصير وطارق بن زياد. والتي استمرت 781 عام، ابتداء من عام 711 حتى 1492م. ممتدة على كل مساحة شبة الجزيرة الليبيرية في أوربا حتى جنوب فرنسا.

٥) حقبة الدولة الفاطمية، وحاضرتها القاهرة، بقيادة أشهر خلفائها المعز لدين الله، والتي استمرت 262 عام، ابتداء من عام 909 حتى 1171م. ممتدة من المغرب وشمال افريقيا الى مصر والسودان والشام والحجاز.

٦) حقبة الدولة الأيوبية، وحاضرتها مدينة القاهرة، بقيادة صلاح الدين بن يوسف الايوبي. استمرت 78 عام، ابتداء
من عام 1174 حتى 1252م. ممتدة من تونس غربا الى مصر والنوبة والحجاز واليمن جنوبا والشام وفلسطين شرقا.

٧) حقبة دولة المرابطين، وحاضرتها مدينة مراكش المغربية، بقيادة يوسف بن تاشفين. استمرت 91 عام، ابتداء من عام 1056حتى1147م. ممتدة من المغرب الى ليبيا شرقا والى قرطبة في الاندلس شمالا والسنغال ومالي جنوبا.

٨) حقبة دولة الموحدين، وحاضرتها مدينة مراكش المغربية، بقيادة عبد المؤمن بن علي الكومي. استمرت 148 عام، من عام 1121م حتى1269م. ممتدة من المغرب الى ليبيا شرقا والى قرطبة في الاندلس شمالا والسنغال ومالي جنوبا.

٩) حقبة الخلافة العثمانية، وحاضرتها مدينة إسطنبول بقيادة الخليفة الأبرز سليم الأول بن بايزيد. استمرت 624 عام، ابتداء من عام 1299 حتى 1923م. شملت أنحاء واسعة من قارات أوروبا وآسيا وأفريقيا، وصل عدد 
الولايات العثمانية إلى 29 ولاية. وصولا الى الحدود النمساوية في أوروبا والى الجزائر غربا، وأجزاء من الصين شرقا وكل شبة الجزيرة العربية واليمن جنوبا

١٠) حقبة الإمبراطورية الرومية، بقيادة مؤسسها الإمبراطور أغسطس، ومن بعده الامبراطور يوليوس قيصر، وحاضرتها مدينة روما التاريخية. استمرت 1480عام، ابتداء من عام27 ق.م حتى 1453 بعد الميلاد.
ففي عام 395م انقسمت الى امبراطورية رومية غربية، 395 م – 480م حاضرتها مدينة روما، والى امبراطورية رومية شرقية، 395 م – 1453م حاضرتها مدينة القسطنطينية. وقد امتدت الإمبراطورية الرومية على كل مساحة اوربا بما فيها بريطانيا الى كل شمال إفريقيا وغرب أسيا.

١١) حقبة الاستعمار الأوروبي للبلدان العربية والإسلامية. وقد كانت أبرز الدول المحتلة هي بريطانيا وفرنسا واسبانيا. استمرت هذه الحقبة على وجه العموم 46 عام، ابتداء من الحرب العالمية الأولى عام 1914م حتى عام 1960م، حين اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالمي بمنح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة. علما ان العديد من البلدان سبق ان تم استعمارها منذ القرن التاسع عشر، ولم تتحرر الا بثورات مسلحة ضد الاستعمار.

12) حقبة تبعية البلدان العربية والإسلامية للنظام العالمي الجديد
وهي الحقبة التي نعيشها الان، فيها تجزئت البلدان العربية والإسلامية الى كيانات منفصلة، وأصبحت كل دولة مستقلة بذاتها، على غرار دويلات ملوك الطوائف في الاندلس، التي كانت السبب في انتهاء الحضارة الإسلامية في الاندلس. وقد برزت معالم تلك الحقبة منذ عام 1990م ولازالت مستمرة حتى الان. وتتسم هذه الحقبة بالتبعية المبطنة للدول الكبيرة عن طريق التكبيل السياسي والاقتصادي والعسكري لها.